حقق منتخب مصر إنجازا أشبه بالمعجزة ، بل هو معجزة بالفعل ، حيث تغلب على منتخب إيطاليا بطل العالم بهدف مساء الخميس في جوهانسبرج في ثاني جولات المجموعة الثانية ببطولة العالم للقارات في جنوب أفريقيا.
أحرز هدف مصر والمباراة الوحيد محمد سليمان "حمص" في الدقيقة 40 من ضربة رأس رائعة على طريقة الأهداف البرازيلية في مرمانا في المباراة الماضية التي انتهت بفوز البرازيل 4-3!
تعد هذه النتيجة أعظم فوز يحققه المنتخب المصري في تاريخه باعتبار أنه هزم إيطاليا بطل كأس العالم 2006 بكامل نجومها ، كما أنها أول هزيمة لإيطاليا من منتخب أفريقيا في تاريخها.
وتفوق لاعبو "الفراعنة" في معظم فترات المباراة على نجوم "الأتزوري" من أصحاب الملايين وعلى رأسهم جان لويجي بوفون وفابيو كانافارو أحسن لاعب في العالم 2006 ولوكا توني المهاجم العملاق ، و"الفتوة" جاتوزو ، الذي سقط منه "الشورت" تماما في الشوط الثاني في مشهد كوميدي مع محمد أبو تريكة (!!) كما تفوق حسن شحاتة المدير الفني لـ"الفراعنة" تكتيكيا على مدار شوطي المباراة على المدرب العبقري مارتشيللو ليبي ، الذي كانت ملامح وجهه طوال المباراة تعكس إحساسه بمدى صعوبة الفريق المصري ، وصدقت توقعاته قبل المباراة بأنه سيواجه فريقا قويا للغاية!
وبهذه النتيجة ، التي خرجت بعدها جماهير مصر إلى الشوارع فرحا وابتهاجا بها ، تحصل مصر على أول ثلاث نقاط لها في البطولة ، يصبح أمام "الفراعنة" أمل كبير في التأهل إلى الدور قبل النهائي ، علما بأن المباراة الأخيرة لمصر في المجموعة ستكون أمام الولايات المتحدة التي تأكد خروجها من الدور الأول بعد الهزيمة من البرازيل في وقت سابق 3-صفر ، وأصبح رصيدها خاليا من النقاط ، بينما تخوص إيطاليا مباراة صعبة أمام المنتخب البرازيلي الذي يحتل الصدارة بست نقاط.
وأجمل ما في الفوز الذي حققه المنتخب المصري أنه أعاد التوازن والثقة تماما إلى الفريق ، كما "صالح" عصام الحضري على جماهير الكرة المصرية بعد فترة جفاء طويل ، ويزداد هذا الانتصار جمالا إذا علمنا بأن المنتخب المصري يشارك في هذه البطولة بدون رأس حربة أساسي ، في غياب عمرو زكي وأحمد حسام "ميدو" وعماد متعب ، وبدون أحد أبرز لاعبي الكرة المصرية ، وهو محمد بركات ، إضافة إلى أحمد المحمدي المطرود في مباراة البرازيل.
كما ظهر حسن شحاتة في المباراة في قمة التركيز والتفوق ، بصورة تؤكد أنه في مباراة الجزائر الشهيرة "لم يكن موجودا" رغما عنه!
وبالعودة إلى مجريات الشوط الأول من المباراة ، سنجد أنه كان أشبه بمباريات كرة اليد ، فكل فريق يحاول تضييق المساحات أمام منافسه ، ويسعى لنشر أكبر عدد من اللاعبين في منتصف الملعب ، مع محاولة الاعتماد على الثنائيات الفردية للوصول إلى مرمى الفريق المنافس أو التسديدات بعيدة المدى.
وكانت أبرز هجمات الفريق الإيطالي في هذا الشوط تسديدة "المدفعجي" جوسيبي روسي التي ذهبت أعلى العارضة في الدقيقة 13 ، وتسديدة ياكوينتا في الدقيقة 24 التي أبعدها عصام الحضري إلى ركينة ببراعة ، وكذلك تسديدة حسني عبد ربه في الدقيقة 40 – قبل الهدف مباشرة – والتي أبعدها جان لويجي بوفون الحارس الإيطالي العملاق إلى ركنية.
وفي الشوط الثاني ، كان الفريق المصري قادرا على الوصول إلى المرمى الإيطالي بكل سهولة عبر الهجمات المرتدة المنظمة بين أبو تريكة ومحمد زيدان وبديله أحمد عيد عبد الملك ، غير أن هذه المباراة عابها البطء ، وأخطأ أبو تريكة في التصرف في بعض هذه الكرات التي كان من الممكن أن نسجل منها الهدف الثاني.
أما الفريق الإيطالي فهاجم بشراسة طوال هذا الشوط ، ولعب ليبي برأسي حربة بعد أن أشرك العملاق لوكا توني إلى جانب ياكوينتا ، ولكن عصام الحضري وخط الدفاع بقيادة وائل جمعة تألقوا بشكل لافت وصححوا من أخطائهم في مباراة البرازيل الأولى ، ومن أمامهم حمص ومحمد شوقي وحسني عبد ربه ، وكان الحضري على وجه الخصوص في أفضل حالاته ، حيث أنقذ ثلاثة أهداف محققة من أقدام ورأسي ياكوينتا ولوكا توني ، وقدم ريكاردو مونتوليفو ، وكلها من انفرادات كاملة ، وتكفلت العارضة بالتصدي لكرة أخرى!
وتأثر أداء الفريق المصري في الدقائق العشر الأخيرة من المباراة بهبوط اللياقة البدنية لمعظم اللاعبين ، الذي ظهر من خلال كثرة الإصابات بالشد العضلي ، وتعمد إضاعة الوقت على الطريقة المصرية التي أتت ثمارها!
ولكن التوفيق حالف المنتخب المصري المجتهد هذه المرة وأنقذه من "مقالب" الدقائق الأخيرة ، لتخرج المباراة بهذه النتيجة التي ستهز العالم ، حيث سيكتب لـ"الفراعنة" أنهم ، وكما أحرجوا البرازيل وخسروا منها بصعوبة وبهدف "فيديوي" ما زال يثير جدل الأوساط الرياضية العالمية ، فقد نجحوا في "القضاء" على أبطال العالم بالمهارات والتكتيك واللعب الجماعي والروح العالية ، وبجدارة ، وفي واحدة من أقوى البطولات الكروية في العالم!